استمتع بأفضل روايات الرعب والرومانسية والتاريخ في موقع واحد.

2024/11/05

نقاش بين صالحة والرجال في شعب الجبل

                              الفصل السابع: نقاش بين صالحة والرجال في شعب الجبل








ظل باسليوس يتردد على شِّعْب الجبل، يحاور رجاله، ويشرب قدح اللبن، يتلو هناك المزامير، ويستمع إلى القرآن الذي تتلوه العجوز، تجرأ باسليوس على سؤال العجوز عن اسمها أخيرا وأخبرته بأن اسمها : صالحة، وقد كان لها حظ منه تجلى في سلوكها الطيب وحديثها الكريم، وكان الصغير يتوقف لدى تلاوة الآية التسعين من سورة النحل: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ"، ويتذكر أمه كاترينا وهي تهمس في سره من سفر هوشع:"وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي إِلَى الأَبَدِ، وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ وَالإِحْسَانِ وَالْمَرَاحِمِ." فيجد المعنى عينه حاضرا، وبمرور الوقت صار مستهينا بتحذيرات كاترينا له بعدم مخالطة المسلمين وعدم إطْلاعهم على أسراره، وقالت العجوز:

- الوجود يبدو أجمل حين تنظر إليه وحدة واحدة، هؤلاء المتشددون لا يرون الوجه الآخر للدرهم، آفتهم أنهم يصدقون الشخصية التي يؤدونها، لا يفهمون حقيقة أنه ما دامت الحياة عابرة فإن شخوصهم عابرة، كجنود الوالي الذين يُضَحُّون لأجل مجد الحاكم، ومتعصبي الإكليروس الذين يدخلون في مجادلات عقيمة بغير داعِ، والمشايخ ضيقي الأفق ممن يريدون تجميد الأوضاع وتحقيق المكاسب العاجلة، صدقوني حين أقول بأن شخصياتنا جميعا غير حقيقية كما نظن، ولندع الأفراح والأحزان تنساب من بين أيدينا كالماء، متى أردتم أن تسيطروا على الأمور أفسدتموها..

عَلَّقَ باسليوس:

- أمي تهمس في سري بأن الشر هو نتاج النقص، إذ لا حاجة لمكتمل إلى أن يقترف السوء أبدا.

هتف رجلٌ في الشِّعْب:

-      يجب أن نزيل أسباب الحاجة أولا، قبل أن نحاسب الخاطئين.

أمَّا صالحة فعلَّقتْ :

- لعلنا نفقد الثراء إذن، ما كنا لنشعر بأننا أحرار في شِّعْب الجبل، لولا أن جربنا القيد خارجه، الله أرادنا أن نعارك الحياة بعد أن هبطنا إلى هذه الأرض وما فيها من شقاء وعسف، فإذا عدنا إلى السماء فهمنا جمالياتها، ووقفنا على وجوه الاكتمال في عالمها، ذلك أن كل نقيصة إنما تكشف عن كمال غائب، هل أتاكم شعر علي بن جبلة العَكَوَّك؟

 

فالوجه مِثْل الصُّبْح مُنْبِلجٌ.. والشَّعْر مثل الليل مُسْوَّدُ

ضدانِ لما استجمعا حسنا.. والضدّ يُظْهِرُ حُسْنه الضِدُّ

 

واستجاب السامعون لإلقائها بالإصغاء والتفكر، وكان أحد الرجال يحلب الجاموس فهتفت صالحة فيه:

- حنانيك، وارفق بها، إنَّ لَبَنًا تُدِرُّه لك عن طيب خاطر هو خير من آخر يأتيك منها مرغمة.

نَعِمَ الحضور بلحظة صفاء وهم يراقبون العجوز وهي تلاطف الجاموس قبل أن تملأ بلبنها هذا القدح الخشبي، وبغتة اقتحم هدوء المشهد رجل يهتف:

- ما أفظع ما رأيته في دمياط! إنه لأمر منكر حتى أن سرده يزيد من فظاعته، إنه حمأة من الطين، وإليكم ما جرى: زعم أحدهم أن سيدهم بشاي الكاتب في ديوان الحكومة قد سب الدين الإسلامي،.. سرعان ما ثارت الانفعالات لهذا الحديث وانفلت العقد الذي يربط الأشياء،.. حُكم على الرجل بالجلد، أركبوه جاموسا كهذه، وجعلوا رأسه ناحية ظهرها،.. طاف الدهماء به وهم يهتفون هتافات عالية مثيرة، رأيت منهم من ينخسه بالسياخ، و..

وتحشرج صوت الرجل وجعل يبكي كأنه لم يحتمل سرد المزيد، اقترب منه باسليوس يسأله بعينين صافيتين لوثتهما عكارة عارضة، إنه يتحرى الحقيقة رغم الألم، صوته الجامد لا ينبئ بعمره:

- وماذا بعد؟

انفجر الراوي:

- أَلْقَوْا عليه الزفت المغلي، رَمَوْه أمام بيته وتركوه ومضوا، لقد مات بعد أيام خمسة، الساعة يقيم أهل القاهرة من الأقباط جنازة له، وقد حملوا جثته من دمياط إلى هنا.

علَّقت صالحة غاضبة:

- ملاعين من آذَوْه! لا دين لهم ولا أصل! سأكون أول من يحضر جنازته، (ثم وهي تحدث الرجال) وأنتم! اتركوا حراسة الشِّعْب واتبعوني إلى جنازة القبطي!

ولم يتبعها الرجال لخوفهم من عاقبة الاشتباك مع الأقباط بالجنازة:

- أيتها العجوز، إن له في نفوسنا جنازةً، ومقامَ أسى لا يزول، ولكن الحضور خطر علينا.

ترك باسليوس الجبل وعاد إلى بيته يبكي، وهذا وجهه المقطب تَسِحُّ من عينيه الدموع، وكانت كاترينا على علم بما حدث في دمياط واحتوت ثورته وهي تقول:"كان المسكين بشاي بريئا من الإساءة، لم يتحدث عن الإسلام بسوء، وضعوا في صحيفته فرية هي بلا أصل، لقد تدخل الوالي وأمر بنفي القاضي الذي أصدر الحكم بحقه والمحافظ الذي تساهل مع من آذَوْهُ، لا تقلق، باسليوس، حدث أبوك غالي الوالي وقد ساءه الأمر جدا، تحمل الأقباط من الخسف ما لم يتحمله أشد الأمم تعاسة، بعض المسلمين لا يعرفون الرحمة.."، ولكن باسليوس علق وهو يقول:

- سمعتهم (أي المسلمين) يتحدثون بمثل ما هو وارد في كتابنا.

والتفتت كاترينا إليه في لهجة آمرة:

- وأين سمعتهم يتحدثون؟

- عند الجبل، إن فيهم إنسانيةً، يُشربونني لَبَنًا، ويُطعمونني لَحْمًا، ويتحدثون معي عن عاقبة الخيور.

لم يزدها حديثه إلا قَلَقًا:

- باسليوس، الإنسانية ليست دينا.

أجابها باسليوس في حس لم يتلوث بعد بالتلقين:

- إنني أرى الرب في الفضيلة، وفي عطف الإنسان على الإنسان!

صمتت كاترينا تتأمل مغزى حديثه، وبدا أنَّ تَغَيُّرًا طفيفا قد طرأ على وجدانها وهي تتذكر شيئا مما مضى، وتسلل الغضب من نفسها رويدا فقالت وهي لا تزال واجمة:

- ما زلت أذكر مخطوطة ميامر أغابيوس المنبجي المعروف بمحبوب بن قسطنطين، لقد تضمنت مخطوطته مختارات من الآيات القرآنية التي تتحدث عن العقيدة المسيحية، انشغل بنساختها جندي مجهول من جنود الرب، وقد اُستهلت بالقول: "ولما كنا نسمع ثلب الإسلام أخذنا بيدنا كتاب القرآن، وفتشنا فيه فوجدنا منه ما يرد الأخصام الذين كانوا يثلبونا به وهم الجهال الذين لم يعرفوا القرآن، فأخذنا من كل سورة ما يناسب لنا في رد الجواب!".

هناك هتف باسليوس:

- لابد أنه أورد في مخطوطته مثل الذي سمعته منهم في الجبل،.. كان حزن رجال المسلمين على بشاي هناك صادقا، تماما كحزننا.

 سارت كاترينا وباسليوس في جنازة القبطي التي غدت احتفالا رائعا نادر المثال، رفع المسيحيون الصلبان في الجنازة المهيبة أول مرة، كثيرة هي بين نحاسية مزخرفة وخشبية من الجوز الأسود وخشب الزيتون، وناحوا عليه نَوْحًا شديدا، ترك باسليوس أمه ومضى يبحث عن العجوز، يفتش عنها بين آلاف الوجوه "بالسراج والفتيلة"، بين آلاف الصلبان وجد مصحفا مرفوعا، اقترب باسليوس منه ولكن التيار جرفه، انسَلَّ بين الأقدام المتدافعة والحناجر الهاتفة والنفوس الغاضبة، انتهى إليه أخيرا فكانت - وكما تنبأ - العجوز صالحة مَن تحمله، احتد المسيحيون على المرأة وقالوا:

- بشاي مات مكلوما بسبب رجالكم، تقتلون الميت وتسيرون في جنازته؟

وقالت صالحة لهم في نبرة تنوء بمظلمة:

-  إلهنا، مثل إلهكم، لا يقبل بالجور..

دفع القبطي صالحة عن مسار الجنازة حتى سقطت العجوز على الأرض، خالط شعرَها الأشيب غبارٌ ولكن الأرجل السائرة تحاشتها ويدها لم تترك الكتاب، كانت كاترينا قد لحقت بباسليوس وقد ساءها أن يسيء القبطي معاملة هذه الآدمية، تقدمت كاترينا نحو رجال القبط، قالت وهي تمد إلى صالحة يدًا كانت تحمل الصليب:

- ها قد أسأتم إلى تعاليم المسيح حين رددتم على الصفعة بمثلها..

ازْوَرَّ الرجل القبطي خَجَلًا ومضى مع الماضين، نهضت صالحة مستندة إلى يد كاترينا، كان باسليوس يتعقب الرجل القبطي ليرد إليه أذاه، عبثا يظن الصغير بنفسه القدرة على مقارعة الرجال،.. نادت صالحة عليه أنْ: كُفَّ؛ وهي تعود ترفع المصحف وتسير به:

- اتركه، أيها الصالح الصغير، لا عقاب له فوق هذا الظلام الذي في نفسه، ظلمات غاشية يتوه فيها من لا يريد أن يبصر النور.

حملت كاترينا باسليوس فوق عنقها ومضت به، لا تريد أن تفقده مجددا في المسيرة المكتظة، بعد أن اعتذرت مما بدر من القبطي في حق العجوز أخذت تسير، عند باب المقابر اعترض المسير رجل يقول:

- قفوا! يا أسيادنا! لا أظنكم تدخلون إلى مقابر المسلمين ومعكم كل هذه الصلبان المرفوعة وإلا ثارت فتنة كبيرة في البلاد، والنفوس محتدمة، والقبور صناديق الأعمال، وساحات حساب جارية، وفي الصليب مخالفة لحقيقة الوارد في كتابنا..

أصر المشيعون على الاقتحام وكادت تقع إرهاصات اشتباك، حضر المعلم غالي من فوره ولكن "القَيِّم القبطي" لم يفلح في التوفيق بين المساعي، كذلك أخفق أخوه فرنسيس، تحركت كاترينا لدرء الأذى مدفوعة بإلهام اللحظة فنادت وهي تقول:

- إخواني، أقدر ألمكم إذ هو ألم النفوس القبطية كلها، لقد بكى المسيح في مناسبات ثلاث كما يعلم منكم العارفون: يوم جمعة ختام الصوم، ويوم سبت لعازر، ويوم خميس العهد، وإنني موقنة بأن ما حدث لبشاي كان مما يتألم له السيد الذي له المجد أيضا، لو وقع وشهد عليه، ولا ريب أنه وقع وشهد عليه في الأعالي،.. وهذه السيدة العجوز المسلمة تعرف الرب كما نعرفه، لقد رفعت قرآنها مثلما رفعنا الصلبان، وتحملت الأذى في سبيل هذا من رجالنا، وستتولى دفن المرحوم بشاي بنفسها كي لا تقع مشكلة، ولئلا يكون ثمة ماء عكر يتصيد فيه المتصيدون..

رَضِيَ الأقباط بالاقتراح بعد أن أثنى عليه المعلم غالي كثيرا، وقال أخوه فرنسيس:"إنه اقتراح يُرضي الرب ويُسعد السلطان، وفي التعجيل بتنفيذه خير.."، كانت الإشارة لصالحة التي صاحبت بشاي وحدها، بعد أن سلمت مصحفها لكاترينا مضت والعيون تتقفى أثرها، ألقى الأقباط ماء الورد والرياحين على بشاي من بُعد خطوات، ولم يدلف منهم إلى المقابر إلا من تخلى عن الصلبان وتركها لصاحبه عند البوابة، سرعان ما غدا بشاي المقبور كزهرة في حوض ذي ندى، وقالوا بأن ماء الورد يعوض الزيت المغلي، ألقى باسليوس الريحان وهو يهمس:

- هذا لأجلك، سيدتي، سيدة الجبل الرحيمة..

سمعت كاترينا همسه فغضبت:

- قل لأجل بشاي!

توفي المعلم سيرجيوس - والد غالي وفرنسيس - في اليوم المشهود نفسه، فلم يحضر جنازتَه كثيرٌ من الرجال لانشغالهم في حضور جنازة بشاي، جزع غالي من وفاة أبيه الذي أدركه التدهور ببطء جزعا شديدا، وهوى الجدار الذي كان يستند إليه الرجل منذ وعى الأشياء أول مرة في بلدة فرشوط بمركز نجع حمادي عام 1775م، فوجد نفسه محاطا برعاية أبيه الذي تفرغ لحسن تعليمه وتهذيبه، وأرسل محمد علي باشا إلى فرنسيس ليعزيه على أبيه في القصر، ثم أرسل مثل هذه الرسالة إلى غالي الذي اعتذر من الوفاء بطلبها، لأنه لا يريد أن يقصد إلى قصر الوالي بقلب مغمور بالأسى، ترك فرنسيس جنازة أبيه سيرجيوس وتوجه إلى الوالي فانحنى على يده ولثمها وهو يقول:

- أطال الله بقاءكم، فما دمتم باقين فإني لم أفقد أبي!

وسرى خبر هذه الكلمات حتى بلغت مسامع غالي فغضب من تصرف أخيه أيما غضب وطلب لقاءه في معبد البيت.

 

**

التقى غالي بفرنسيس في معبد البيت فحدثه في انفعال يقول:

- أقلقت راحة أبينا سيرجيوس في مثواه! لَشَدَّ ما أزرى حديثك المتزلف بالمقام الحزين! فيم تطمع، فرنسيس؟ أتريد أن تشغل وظيفة أبيك من بعده؟

- وكأنك لا تنافقه؟

- إنه الولاء..

- بعض الولاء نفاق..

وصمت الأَخَوَانِ هنيهة، قال فرنسيس وهو يرمق تمثال العذراء الجرانيتي الصغير في زاوية المعبد:

- حدثتك يوما عن السلطة وقلت إن لها في بلادنا بابين اثنين، أولهما يملك الباشا مفتاحه، والآخر يملكه رجال الدين، واليوم قد يئست من المفتاح الثاني، هؤلاء الكهنة لا يصلحون لشيء، قطورة تطلب الطلاق مني ولا أفهم متى تزوجتها حقا كي أطلقها؟ إنني أريد أن أخلصها من نفسي لأني أحبها، إنَّ وزري حين أفقدها عن اختيار لهو دون خطيئتي حين أخونها في كل يوم، إن إقرار الزيجة سيخلق فيَّ باعث الالتزام، على أن الأنبا مكسيموس جويد لا يزال يقف أمامي بالمرصاد، إنه يمنع حلول السلام بتفسيح الزيجة، إنه يكرهني، والكل بات يكرهني، أنا الحقير فرنسيس!

- الكهنة يملكون المعجزات المدهشات، ماذا يملك الوالي بالمقابل؟ دعني أحدثك عن واحدة، زعم أحدهم أننا نقول بخروج النور من قبر السيد المسيح يوم السبت التالي ليوم الجمعة العظيمة، يوم الصَّلَبُوتِ الكريم، دعا إبراهيم باشا الأنبا بطرس واستفسر منه عن الخبر، لقد طالبه أن يذهب به إلى القدس، عسى أن يرى بعينيه ما يحدث، سافر البابا المرقسي الذي أفهم إبراهيم باشا أن بطريرك الروم الأرثوذكس، هو الذي يدخل القبر المقدس ليرفع الصلوات التي ينبثق النور بعدها، لقد خرجت الجماهير التي تتجمع سنويا في مثل هذا اليوم، وأمام حشودهم المندفعة أُغلقت كنيسة القيامة بالمفتاح، حتى إذا دلف بطرس رفقة بطريرك الروم إلى القبر خلع البطريركَان ملابسهما ليُضمن أن أحدا منهما لن يخبئ شيئا في ثيابه، وها هو ذا البابا المرقسي يأخذ يستغيث برب المجد وبالعذراء أم النور ومعه البطريرك الروماني متضرعاً إلى الرب أن يتداركه، ويتدارك معه كل من ينتظرون التبرك بنوره، حتى إذا علا وطيس الدعاء انبثق النور طائفاً حول الكنيسة، رآه الشعب المتجمهر هناك ولا يزال هذا العمود قائمًا مشقوقًا من وسطه، ألا أسعد به منظراً، وأنعم به تجلياً ! لقد طردهم الحاكم الأرضي، ولكن نور الملك السماوي خرج إليهم وجبر بخواطرهم.

وقال فرنسيس بعد استرسال أخيه:

- ما حدثتني إلا بالخَبَل الذي نخدع به أنفسنا نحن القبط، غالي، هل تصدق أن بطريركَيْن خلعا ملابسهما في القبر المقدس؟ ليس لعاقل قط أن يصدق في حديثك، النور لا يخرج من القبور، غالي، لا يوم السبت العظيم، ولا في أي يوم، خليق بك أن تفرق بين ما هو دين حقا وبين ما هو خرافة خالصة، والرب لا يحتاج مثل هذه الأخاديع كي يثبت وجوده، وإذا سألتني عما يملك الوالي قلت لك: إنه يملك معجزة السلطة، وأبهة الحوزة، الجيش والقصور والأراضي، إن في التزلف إليه قوة، دعنا نتحدث كعلمانيين، غالي، إن الأنبا بطرس نفسه لا يملك إلا الخنوع لعزيز مصر، وله أن يَلْثُم يده كما لَثَمْتُها..

انزعج غالي من حديث أخيه، كان يرى الاستنقاص من الكهنة إزراءً بالدين نفسه، قال:

- لا يملك الكهنةُ إلا الخضوعَ أمام الحُكَّام؟! هل أتاك حديث البطريرك بطرس؟ لقد زاره أكبر الأمراء الروسيين، أراد أن يحتضن الأمة القبطية التي يربطها وروسيا رباط الدين والعقيدة، لقد عظم على الأمير أن يرى الرئيس الديني لأكبر أمة مسيحية في القارة الإفريقية جالسا فوق منصة من الخشب تملأها الكتب، مُحاطا بالمقاعد المبعثرة هنا وهناك، كان الأمير يظنه فوق عرش يحفه الذهب، ولعله تساءل: أين المقاعد الثمينة والرياش الفاخر؟ وحسب أن علة ذلك هو الفقر والشقاء، وكانت علته هي الزهد والتقوى والنسك، أدركته الحيرة فصمت، قال له البطريرك:"لا تجعل ثوبي حاجزا بيني وبينك، إن تحت الثوب رَجُلًا من الشعب وللشعب، ولعلك سررت من حالة بلادنا وجوها.."، يعرف البطريرك الطقس البارد في بلاد الأمير، هذه البلاد التي ظهرت في صدر الجيل الماضي من ضفاف نهر النيفا، ومهما يكن من شيء، أظهر الأمير الروسي سروره من كل ما رآه من مظاهر الحفاوة والإكرام، وضروب التقدم والرخاء، وقال:"إنني أبدي ألمي على الأمة القبطية، ومما هي عليه من شقاء تنوء تحت أثقاله وأخطاره العظيمة في سبيل الحصول على بقاء الحياة.."، قال البطريرك له:"إنها تؤدي واجب الطاعة والأمانة للوطن الذي تعيش في ظلاله وبين جوانبه، غير يائسة من رحمة الله وعدله،.."، هتف الأمير الروسي قائلا:"لقد سمع الله دعوتها واستجاب لمحنتها، فأنقذني لإنقاذها من شر عوادي المحن، وإنني أرى وضعها تحت رعاية مليكنا العظيم، حامي حمى الملك والدين الأرثوذكسي القويم.."!

نظر غالي إلى عيني أخيه فرنسيس في تصميم، أحدثت قدمه صوتا عند احتكاكها بحصير السمار كأنه حفيف، واستأنف:

- ما لبث أن ثارت هاته الكلمات في صدر البطريرك، رأى البطريرك في مخياله علم روسيا يخفق فوق جدران الكنيسة، تخايل إليه ملك مصر محطما، واستقلالها مفقودا فبسر وانزعج، استوحشت نفسه الخيال حقا فلفظه، وتساءل:"هل مليككم يحيا إلى الأبد؟"، أجابه الأمير:"لا يا سيدي الأب، بل يموت كسائر البشر.."، قال البطريرك:"إذن أنتم تعيشون تحت مليك يموت، أما نحن فنعيش تحت رعاية مليك لا يموت، تحت رعاية هذا الإله العظيم الذي لا نريد أن نتخذ لغيره بديلا!"، بُهت الأمير أمام الرئيس الديني الحكيم، فقال:"فليهنأ محمد علي بوطنيٍّ مثلك، لم يخدعك زُخرف هذا العالم.."، وما أن انقضى عمر اليوم على هذا الحادث حتى بلغ مسامع محمد علي فقام إلى الديار البطريكية، لقد حياه وشكره، وقال البطريرك:"لا تشكر من أدى واجبًا عليه نحو بلاد تُظِلُّه وتُظِلُّ إخوانه!"، هناك انحدر الدمع من عيني الوالي المقدوني!

قال فرنسيس وصوته يتلوى:

- أقصوصة أخرى موضوعة نسجها الخيال الشعبي للأمة القبطية، هذه التي أنهكتها التعاسة فلا عادت ترى إلا أحلام اليقظة متسعا لتفريغ شحنات أساها، لقد عملت مع محمد علي، غالي، لازمته سنين، وما هو عنك بغريب، وإني لأسألك: أتظنه يبكي لمثل هذا الحديث، وهو من قتل أربعمئة روح في مذبحته يوم القلعة؟ ألم يجلدك يوما لظنه في وشاية كاذبة كان فيها اسمك؟

تنهد غالي بعد أن ضاعت محاولاته سدى:

- حدثتك عن المعجزات فأنكرتها، أوردت لكَ جسارة رجال القبط ونزاهة كهنتنا فتملصت من الاعتراف،.. ماذا تريد، فرنسيس، إلا الإصرار والعناد؟ إنك تزيف الرسائل التي تبعث بها دوريا إلى بابا رومية، تقحم فيها اسم الوالي، ألا تدرك خطورة الأمر ومغبته؟ لا تحسب شيطانك غريبا عني.

وأراد فرنسيس أن يدير دفة الحديث متخذا وضعية الهجوم أول مرة:

- ماذا عن مراسلاتك أنت وبابا الفاتيكان؟

- كانت كلها بعلم الوالي أو بترصد من رجاله، لا تحسبه يجهل ماذا يحدث لحبة رمل في جبل المقطم، وليت أن قضاته بعدد عيونه، وقد قصدت بها (أي المراسلات) تجديد الكرسي البطريركي وإعادة الهيئة القانونية للكنيسة الكاثوليكية، لا تحقيق مجد مذهب على حساب مذهب.

- بفضل رسائلي المزيفة وجهدي المغبون صار بوسع مطران الطائفة الكاثوليكية أن يتجول في المدينة معلقا على صدره صليبا، دون أن يتعرض له أحد.

- ويحك! هل نعلق الصليب كي نتفاخر به أم لنتذكر فاجعة نتألم لها جميعا؟

واستأثر الغضب بفرنسيس فطفق يغمغم:

- لن أَكُفَّ عن انتحال صفة الوالي، يجب أن أنتقم من الأرثوذكس الملاعين..

قبض غالي على عنق أخيه وهو يقول:

- إياك أن يراودك مثل هذا الخيال!

- تقتلني لأجل طائفة ضالة؟!

وقال غالي وقبضته ترتخي:

- ما ضلَّ من أقَرَّ بالرب، أو فعل الخير.

وكان غالي قد بلغ مثابة في المجتمع المصري جعلته عميدا للأقباط فيه، ولأجل ذاك فقد رأى مصلحة الأقباط في البعد من التناحر، وكان يردد كثيرا أن الخلاف بين الطائفتين ينبغي أن يكون قد انتهى منذ اتفقا على تفادي الشكاوي المدنية فيما يخص ما بينهما من المسائل والنزاعات الدينية عام 1794م، وأن هذه اللافتة يجب أن يُؤسس عليها معبد الوئام الشامل، وقد بدا هذا كله توجها مثاليا طوباويا من الرجل، لا تدعمه الشواهد،.. قال فرنسيس وهو ينصرف عن أخيه:

- فعل الخير؟! لا أحسب في جنة الرب مُتَّسَعًا لأصحاب المكوس من أمثالنا، لأجل ذاك لم أحضر جنازة أبينا سيرجيوس، لأنني مدرك عاقبته الوخيمة التي هي عاقبتنا.

ونادى غالي على أخيه الذي مرق من الباب:

- فإذا كنت ترى نفسك هالكا فلا تُسِئْ إلى الموتى، ولا تصادر على مصيرهم المجهول، إن أبانا سيرجيوس لهو اليوم في ضمير الغيب، ورحمة الرب تشمله كما تشمل أشد العصاة.

لا يعرف غالي هل يصدق نفسه حقا؟ ظل الرجل يتطلع إلى تمثال العذراء حينا بعد انصراف أخيه فرنسيس عن معبد بيته، إن حضورا نورانيا خافتا للإله في نفسه؛ ينطفئ بين حين وحين مع كل ضريبة جديدة يفرضها على الأهالي، ويبتدعها على ضوء قنديل لياليه الجافة، ويعود يومض في تضرعاته الباكية المتوسلة بالمغارة وبالمعبد، إن مَثَل إيمانه كمثل شمعة تعبث هَبَّاتُ الهواء بِلَهَبِها فما يلبث الرجل مجتهدا في أن يحرسها بيده، ما أقرب هذا اللهب إلى الانطفاء الآن ! لأجل ذلك غضب من فرنسيس، ولقد كان يحدث نفسه القلقة لا أخاه، أورد ما سمعه من المعجزات كي يطمئن، وذكر نزاهة الكهنة وخوارقهم لئلا يجحد، إنه يريد أن يقف على الدليل الهارب، يتوخى المعنى المفقود، ويتحرى العدالة الغائبة،.. ولو كان فاسقا ومارقا فهو لا يريد أن يفقد ثقته في أن ثمة من يرتب الأمور ويَزِنُها، اللاحقيقة هي الضياع الكامل، اللامثال هو التيه، واليوم لا يعنيه أن يكون البطل إذا كانت البطولة حقيقة، لَشَدَّ ما تمنى أن يخاطبه التمثال الجرانيتي كي يهدأ، وفي هذا السياق فهو يحب أذان المسلمين، ويستطيب بكائيات اليهود عند حائط المبكى، ويميل إلى كل أصحاب الديانات والشعائر، بوسعه أن يهز رأسه مع الصوفيين، أن ينخرط في رقص السماع كالدراويش، وأن يتأمل تأملات البوذيين، وأن يصوم صيام الصمت مع الشعوب البدائية، إذا عنى شيء من هذا كله أن يمس خيط الضوء، أن يهتدي إلى الحقيقة،.. لم ينشغل الرجل يوما بالتفكير في إله يُصلب على صليب من خشب الزيتون، بيد أنه يريد تفسيرا للمعاناة في هذا الوجود المحير، لماذا كانت الفاقة والجهل؟ لِمَ كان جشع السلطان الذي أورثه خطيئته المنكرة؟ ألم يكن ينبغي أن تكون آثار الرب جلية حاضرة في وجود صنعه بيديه؟ فإذا وُجد الخير فلمَ وُجد بهذا الخفوت المزعج؟ لماذا لا يكون الضوء باهرا وحاسما وشاملا؟ لو عم الخير وساد الضياء فما أسهل أن نهتدي من الشعاع إلى القرص ! سيرضى غالي بسيادة الخير ولو عنى ذلك نهايته، حقيرة ذاته أمام الحقيقة، ملعونة الجباية والضريبة، وهذه الزهوة الزائفة في صحبة الوالي، إنه يتشبث بلحظة سكينة واحدة، يريد أن يعانق زهرة، أن يبلغ ذُرى السماء، يريد أن يلقي بنفسه في نهر التجلي،.. وفي حديثه مع فرنسيس كان يهتف ليسكت صوت مناجاته الداخلية الصاخبة والهازئة، تَصَنَّعَ الجِدِّيَّة حين غضب، وتظاهر بالوقار حين صمت، وأما باطنه فمسرح قلق، فرنسيس ليس إلا وجها آخر له أشد تجديفا، وهو يعرف هذا، إنه يشبه شيطانه،.. توجه غالي إلى القصر الذي كان غاصًّا بالنساء والرجال، وجد فيه إبراهيم باشا الذي سمع عن مآثره الجلية، وقيادته الفذة لحملة أبيه في الجزيرة العربية حتى جعلت بعض المتحمسين له من الوقوف يصفونه بنابليون الشرق، وتحدثوا أيضا عن ثورة اليونانيين على الحكم العثماني، وقال إبراهيم باشا وهو بؤرة الأنظار كلها:

- فإذا استنجد بنا السلطان العثماني، اليوم أو غدا، فلا ريب أن أبي سيرسلني لنجدته على رأس أسطول مصري!

 وتأثر غالي حين سمع من أحد الوقوف أن السلطان العثماني محمود الثاني أمر بشنق البطريرك اليوناني فى الأستانة فى يوم عيد الفصح الأرثوذوكسى، من جملة الإجراءات التي اتخذها لقمع الثورة،.. فتدخل (غالي) مدفوعا بوازعه الديني القوي:

- من الخطأ أن ندعم بجيوشنا سلطانا أقدم على اقتراف هذه الفعلة الشنعاء، سيدي! العثمانيون أنفسهم هم من أحالوا كنيسة آيا صوفيا، جوهرة العمارة البيزنطية، وأضخم كنائس المعمورة طوال ألف عام، إلى مسجد لهم، إنها سرقة..

وانزعج إبراهيم باشا من حديث غالي، قال وهو ينظر إليه بطرف عينه:

- وما شأن جامع المكوس بأحوال الحرب والرجال والتاريخ؟

عَدَّها غالي إهانة اجتهد في احتسابها في سبيل الرب، والتفت إبراهيم باشا إلى الحضور وهو يقول:

- حين فتح السلطان محمد الثاني مدينة كنيسة آيا صوفيا عام 1436م كانت الإمبراطورية الرومانية الشرقية عاجزة عن توفير الموارد اللازمة للعناية بها.

لم يفهم غالي العلاقة بين شحة الموارد وبين طمس وتبديل الهوية ولكنه صمت مُتَّعِظًا من اعتراضه الأول، انحنى الوقوف حين مر إبراهيم باشا بهم لدى انصرافه عن القصر، إنهم يظنونه ولي العهد القريب، ولكن غالي لم ينحنِ لولائه الكبير لأبيه محمد علي من جهة، ولما بدر من إبراهيم باشا في حقه من جهة أخرى،.. لا يزال محيط غالي حافلا بالرجال والنساء، سأل غالي الحاجب عن سر هذا الاحتشاد فأُجيب في همس:

- زهرة بنت الباشا، اعتورتها روح نحس، حار الأطباء في علاجها، لقد رأت زوجها محمد بك الدفتردار وهو يطيل النظر إلى وجه إحدى جواريه، فرأت أن تقضِيَ على هذه الجارية وتقدم رأسها إلى زوجها، أعْمَتْها الغيرة وأصيبت من إثر ذاك بتشنج عضلي، وقيل إن روحا شريرة تلبستها يومئذٍ،.. قال بعض رجال القصر إن بإمكان أئمة النصارى شفاءَها، أرسل الباشا إلى البابا السكندري الذي استدعى هو الآخر الأنبا صرابامون أسقف المنوفية كي يصلي لابنته..

يعرف غالي منذ عمل مع محمد بك الدفتردار في الصعيد القليل المتناثر عن زوجه زهرة، لم يحدثه الدفتردار عنها قط إلا بالعادي من شؤون الأزواج، ولكن حديث الحاجب أربكه، وقال في نفسه:"لعله اختبار كي ترى بنفسك مقدرة الرب.."، دخل الأسقف حجرة الأميرة زهرة، ما كاد يبدأ الصلاة حتى ألقى الشيطان بالأميرة على الأرض، أخذت المسكينة تصرخ وترغي وتزبد، تضاعفت صلوات الأنبا صرابامون وطفق يذرف الدموع السخينة، وسمع غالي هتافه الذي صك الآذان:"يا خطيئتك يا صليب!"، لم يحتمل غالي المزيد، هزَّتْهُ الصرخة الطائشة، اجتاز الحاجب ودلف إلى حجرة الأميرة، لا يدري بنفسه إلا وهو إزاء الأنبا الذي بدا في صراع روحي شديد، رسم صرابامون علامة الصليب على كوب ماء رش به وجه الأميرة، تطايرت قطرات الماء على ثياب غالي وقلنسوته ولكنه لم يتحرك، ظل يرقب الأنبا في هدوء عميق، خرج الأنبا إلى فضاء النساء والرجال يقول:

- لقد خرج من زهرة هانم شيطانُها، الآن، وغدا تبرأ وتصير معافاة صحيحة!

صدحت الموسيقات في القصر وهرع إلى محمد علي من أراد أن ينقل إليه البشارة، يتكسب خُدَّام الباشا من نقل الأخبار السارة إليه، إنه دأب الحواريين منذ القِدَم، سرعان ما حضر الوالي ودلف إلى غرفة ابنته الأميرة، رآها نائمة فابتهج، ما كان يتهيأ لجفنيها النوم قبل اليوم، صرَّ محمد علي أربعة آلاف جنيه وقدمها إلى الأنبا، رفضها الأخير وقال:

- كل ما أريده من دولتكم أن تتعطفوا على أبناء القبط.

قبل محمد علي هذا الرجاء الزهيد وألح عليه أن يأخذ المال فأخذ الأنبا منه القليل، اصطف الجنود على الجانبين لتوديع الأنبا، خدمة جسيمة أسداها إلى أرباب القصر، ما لبث أن لحق غالي بالأنبا ورآه يلقي بالنقود على جانبي الجنود، هز غالي رأسه مستحسنا، رمقه الأنبا الأرثوذكسي بنظرة غاضبة، إنه يسمع عن محاولاته وأخيه فرض الكاثوليكية في البلاد، وسمع الوالي يسأله:

- ماذا أدخلك إلى حجرة زهرة،.. غالي؟

فضحك الحضور منه جميعا، لم تتوارَ الضحكات إلا باستئناف العزف،.. عاد غالي إلى بيت فرنسيس بالقصة الجديدة التي شهدها بعينه، فأجابه الآخر في عزم:

- الإيحاء هو من شفاها، لقد شُفيت زهرة لأنها ظنت أن بمقدور الأنبا أن يشفيها، ما أتيت لي إلا بحديث الخرافة وميراث الجدات.

انصرف غالي هذا اليوم عن بيت أخيه آسفا، قال لفرنسيس:

- يجب أن تحضر جلسة في معبد البيت كي يصلح أمرك مع الكنيسة، مع الأب بسخي كاهن كنيستي الخاصة الذي استقدمته فيها.

ولكن فرنسيس استهان كعادته بنصيحة أخيه، فتساءل منكرا: "الكهنة؟ يصلحون أمري؟!"، وذكر أنه ينوي السفر إلى السودان موطن الذهب والمعادن والرقيق، وقد غدت هذه البلاد مجالا لانتشار كتبة القبط بعد غزو محمد علي لها هذا العام، ثم جلس (فرنسيس) يكتب - أو بالأحرى يزيف - خطابا مُهِمًّا، سيكون له ما بعده..

- "من محمد علي باشا، عزيز مصر، إلى بابا رومية، السيد ليون الثاني عشر..

لقد حدثني الأخوان غالي وفرنسيس عن فضائل الكنيسة الكاثوليكية، وعرفت منهما، مما عرفت، أن لفظة كاثوليكية معناها جامعة، وهي إحدى العلامات الأربع لكنيسة الله الكاثوليكية : الواحدة، المقدسة، الجامعة، الرسولية، وقد سميت جامعة لأنها لا تضم أمة بحيالها، بل تدعو جميع الأمم إلى الانضمام تحت لوائها المقدس، وقد وقر في نفسي الإعجاب الجزيل تجاه هذه الطائفة، حتى رأيت أن مستقبل الكثلكة في مصر مفعم بالآمال البراقة، وفي هذا السياق فإنني أرغب في أن تعيدوا تأسيس الكرسي الإسكندري لهذه الطائفة، وأطلب منكم أن يُقيم المدعو إبراهيم كاشور الطالب بكلية البروباجندا الرومانية رئيس أساقفة على مدينة ممفيس، وقد سبق وأنعمنا عليه بنيشان من الذهب، مقابل إخضاع كل أقباط مصر لسلطان بابا رومية!".

 




 اقرأ أيضاً : 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق