الفصل الثاني : لقاء النفوس الصادقة
استمع إلى الفصل:
↓↓↓
وساد الصمت بينها وبينه، ثم صارحته :
- زوجي يضربني، وقد تركت البيت، أبي يعارض ما فعلت..
وبدا التأثر على وجه مازن، فقالت :
- يبدو الحب وهماً في هذا الزمن..
وقال :
- الحياة ضاغطة هذه الأيام على الجميع، حتى صار الكل مهتماً بمصالحه، ألا توجد وسيلة صلح بينكما؟
- تريد صلحاً بين غزال وأسد؟
- أليس له ميزة؟
- لماذا تحاول أن تدافع عن هذا الشيطان؟
- لا أريد أن أفسد حياتكما.
- لا داع للقلق" حياتنا" فاسدة فعلاً، ماذا تعمل؟
- لازلت بلا عمل، أتذكرين آخر يوم جمع بيننا والأصدقاء في الجامعة؟
وابتسمت لأول مرة، ابتسامة فاترة على وجه منهك، قالت :
- تخرجنا في كلية تجارة، كان تقديري جيد، وتقديرك الامتياز، مذهل كيف لم تعثر على عمل.
اضغط على رابط الصفحة الرئيسة لمزيد من الموضوعات : روايات قصص
وقال :
- عثرت ولكنني لم أتأقلم على الوظيفة..
- أنت حساس، الحساسية المفرطة تفسد الأمور دائماً.
ونظر إلى لوحة جميلة معلقة في الكافيه فقال :
- هي مفيدة إذا تعلق الأمر بالفن وبالجمال.
- لا أحد يقدر الجمال في هذا المجتمع، لا عجب أن تكون شوارعنا ونفوسنا قبيحة.
- أجل، ولكن ما العمل؟
ونظرت نحوه في صلابة ثم قالت :
- يجب علينا أن نكتسب الصلابة، وأن نمسك بأسباب الاستقلال المادي، لم يكن لعيسى أن يضربني إذا كان لي مورد مال أو دخل مادي، إنه لغة هذا الزمان.
عرف مازن اسم زوجها أخيراً : عيسى، وقال :
- أجل،
هذا صحيح، ولكن المال لن يحل كل شيء.
- وكيف
تعرِّف الحب؟
ورفع
رأسه في تردد يقول :
- هو
لقاء النفوس المتشابهة لقاء السماء على الأرض..
وطبع حديثه إلهاماً رائعاً على أجواء
الجلسة، فقالت :
- ما
أجمل هذا التعريف ! ولماذا تراه وهماً؟
وجاء
الجارسون بكوبين من الشاي، فقال لها :
- بت
أراه كذلك من كثرة من يرفعونه شعاراً يخفون وراءه الانتهازية..
ولم
تحزن هذه المرة، والحق أنها بدأت تتقبل واقعها الجديد، ألم يتبدل واقعها فعلاً منذ
ظهر مازن؟ وعلقت :
- لا
تزال النفوس الصادقة تتلاقى في بحر الأكاذيب والخداع..
كأنها
قصدته بعبارتها الأخيرة فتولاه ارتباك، واستولى عليه اضطراب، ولكنه وافقها بعينيه
في تقدير ورضاء، ونظرت في ساعتها الجلدية
فوجدت أن الساعة هي العاشرة مساءً، لم يبقَ أمامها إلا القليل لتعود إلى ديارها،
ربما تشتري طعاماً جاهزاً، ستعود إلى الكافيه غداً، وإلى مازن، فحديثها إليه هو
الراحة وسط متاهات العناء التي تحيط بها، ونهضت بغتة وقالت :
- سأحضر
هنا غداً..
وتقدم
إليها خطوة يسألها :
- في
أي ساعة؟
- مثل اليوم.