أن تطلب الحب

                             الفصل الرابع: أن تطلب الحب

استمع إلى الفصل:

↓↓↓

- ألا يعجبك شيء؟

- لو كان في الماضي خير لما وصلنا إلى هذا الحال..

- أجل، قلبي يدمى حين أرى من يبحثون في القمامة عن طعام لهم.

- إنني أكره ما وصلنا إليه لأسباب أخرى.

- أعرف أن لديك أسبابك الخاصة دائماً.

- إنني لا أفرض ما أراه على أحد.

- أجل، من الخير أنك لم تنجب أيضاً.

- الإنجاب في هذه المجتمعات هو أكبر حماقة شائعة من الممكن تخيلها، لماذا تستدعي مخلوقاً من العدم إلى واقع كالذي نعيش فيه؟ فيم يتزوج الفقر بالشقاء؟

- أنت مع انقراض النوع إذاً.

- لا يجب أن ينجب غير المقتدر.

- من هو المقتدر عندك؟

- صاحب المال.

- هذه يوجينيا جديدة.

- اليوجينيا خير من شقاء نورثه للأجيال الجديدة.

- هذه الأفكار لم تنجح في الماضي ولن تنجح اليوم.

- لماذا تطبق الصين سياسة الطفل الواحد إذاً؟

- إننا مختلفان دائماً.

- هذه ظاهرة صحية.

- ليس تماماً، أحياناً أفكر في أن أحطم رأسك.

- أحياناً تغير الكراهية الإنسان أكثر من الحب.

- كيف؟

- الحب هو ضرب من ضروب الإعجاب بالذات إذا طلبته لنفسك، هذه نرجسية، الكراهية قد تدفعك للعمل والحركة، الإنسان كائن كسول، يجب أن يُستفز ليعمل..

- لا يجب أن تطلب الحب، يجب أن تقدمه.

- لمن؟

- إلى من يتعاطف معك.

- الشخص الوحيد الذي يتعاطف معي بحق هو أمي، أحياناً أشعر أنها تتعاطف معي لأنها كانت سبباً في ورطتي.

- الحياة ليست ورطة إذا نظرت للأشياء بعاطفة، إذا طلبت الخير للجميع، وبحثت عن الكمال فيما تفعل،.. العاطفة جسر الحكمة.

-   أنا ضد التعاطف، من ينظر إلى الأشياء عبر الشعور يرى الحياة كدراما، من ينظر إليها عن طريق العقل سيراها كوميديا.

- لهذا لا أستسيغ الكوميديا، إنها تستخف بمعاناة الإنسان.

- أحياناً يكون هذا أفضل طريقة للتعامل مع الظروف غير المواتية،.. الإنسان خلق لكي يعاني، لماذا يظن أن الأمور ستسير في صالحه إذا كان يعيش على واحد في البليون من وجود غير صالح للحياة؟ العمر قصير، والصناعة طويلة، والوقت ضيق، والتجربة خطر والقضاء عسير، كقول أبقراط.

- كيف أقام القانون والحضارة إذاً؟ أنت قاسِ جداً في أحكامك..

- القساة معلمون.

- أشعر بالمرارة من الحديث معك.

- المرارة ستزول وتبقى الأفكار.

- الأفكار هي رؤية اختزالية للحياة، الأفكار تتألف من مفردات، وكل مفردة هي محددة، هذا يحجب عنك حقيقة الأمور،.. يجب أن ترى الأشياء كما هي، قد تقع أسيراً لعقلك، الجمجمة هي أكبر سجن للإنسان.. لهذا لن تجد فيلسوفاً سعيداً أبداً، ربما بعض الفلاسفة الرواقيين.

- كيف أخرج من جمجمتي..

- أين هذا الطفل فيك؟

- الطفولة تشيخ بالمسؤوليات..

- متى بدأت تشعر بالمسؤولية؟

- منذ صغري، ولكنها خرجت عن احتمالي..

- الجميع يمرون بظروف مماثلة في حياتهم..

- المال يحل كل شيء..

- لماذا ينتحر المشاهير ورجال الأعمال إذاً؟

- ما شأني والحمقى منهم؟

- ينتحرون لأنهم افتقدوا للمعنى..

- امنحني المال، وسأخلق لك المعنى الذي تريده..

- المعنى الذي أريده لا يُشترى بالمال..

-  كل المعاني القيمة قد تشتريها بالمال، إذا أنت وظفته كقوة لصناعة الخير.

- تبدو قلقاً، أليس كذلك؟

- أجل، تأتيني الكوابيس التي أفزع لها عند الليل..

- لا يمكن أن تشعر بالطمأنينة في عالم بلا تعاطف، إذا سلكت في حياتك مسلكاً فأنت تتوقع المثل من الآخرين،.. لا بأس، لا تقلق، القلق دعاء للشيطان.

- لا وجود للشياطين في العالم الذي نعيشه..

- هل تكذب كل الماورائيات؟

- تسع وتسعون بالمائة منها أو أكثر خرافات محضة، يروج لها أناس محتالون.

- كيف تأتيك الفكرة إذاً؟

- هذه نتاج التفاعلات العصبية في المخ.

- هذا سخيف، يبدو العقل كراديو تستقبل من خلاله إلهاماً مجهول المصدر يُبث في أرجاء الكون. كيف يتولد فيك الحدس بشيء لم تعرفه مسبقاً؟

- راديو، إلهام، أرجاء الكون؟ لو كانت التعبيرات الإنشائية رجلاً لقتلته.

- ماذا تعمل؟

- أعمل في البورصة.

- كيف تحلل الأسهم.

- المؤشرات، عزيزي، المؤشرات.

- هل سبق أن وجهك شعورك لتبيع أو تشتري سهماً.

- أجل.

- متى؟

- في المرات التي أخسر فيها.

- لا جدوى من الحديث معك. 

- دائماً هناك جدوى من الحديث.. لماذا لا يتدخل الله لينهي هذه الفوضى؟

- الله لا يعمل عندك.

-  لا تضع الكلمات على لساني،.. الله يمثل العدل والحياة مليئة بالمظالم، ألا ترى التناقض؟

- حين تحاول تطبيق العدالة فأنت تمضي على طريق تطبيق إرادة الله.

- الله أقدر على تطبيق العدالة منّا، ما الجدوى من وراء كل هذا؟

- الحياة ناقصة، حين تتمسك بالمثال في واقع ناقص سيكون هذا أكبر دائماً من تطبيق المثاليات في عالم مثالي، قيمة الحياة تتجسد في لا مثاليتها.

- هذا كلام فارغ، أنت تبحث عن أعذار..

-  حسناً، هذا يكفي، إلى اللقاء.

- إلى اللقاء.

     اضغط على رابط الصفحة الرئيسة لمزيد من الموضوعات : روايات قصص

 اقرأ أيضاً : 

الفصل الأول:   غصن زيتون ومسدس

الفصل الثاني:  في قبضة الأقدار

الفصل الثالث : جمهورية الأرض